الغجرية النائمة

لوحات روسو أشبه ما تكون بالهرب إلى حلم غريب؛ كل شيء يبدو مألوفًا، إلا أنه مختلف عما نعرفه. تعلم روسو الرسم بنفسه، ولهذا تعتبر معالجته للأبعاد والألوان والأشكال فريدة من نوعها. وهذه المميزات هي ما تجعل لوحة "الغجرية النائمة" ساحرة للغاية. بٌعدها المسطَّح يمنحها الهدوء وألوانها الزاهية تمنحها براءة الأطفال. يقدم لنا الفنان الأسد والفتاة الغجرية بشكل يشبه رسوم كتب الأطفال حين يلتقط الرسام لحظة واحدة من القصة. عادة ما يكون شعورنا بالحركة في الأحلام غير طبيعي، إذ نسقط ونحلق ونطفو، ونحلم أننا غير قادرين على الحركة حين نحتاج لها. نحلم في هذه اللوحة بالسكون التام.

نجد الأسد في حالة تأهب، يرفع ذيله عاليًا ويثني قائمتيه الخلفيتين كما لو كان مستعدًا للانقضاض. عينه مفتوحة بالكامل بينما يتحقق من الجسد النائم. تُبرِز سماء الليل الضخمة التوتر بينهما. الغجرية غارقة في النوم غير مدركة بوجود الأسد في حين تبتسم بهدوء. تضع عودها وجرة مائها في جانب واحد. تبدو ملابسها ذات الألوان الخافتة ساطعة تحت ضوء البدر. يظهر الأسد البني بحجمها تقريبًا، لكننا لسنا خائفين. وإنما ننجذب إلى لحظة مثالية يتحرك فيها الزمن ببطىء.

نواجه في الأحلام نقاط ضعفنا كما لو كنا أطفالاً من جديد. يمنحنا فن روسو الفطري طريقًا إلى هذه الفكرة، وتذكرنا هذه اللوحة أن السكون والحلم أداتان مهمتان في مساعدتنا على فهم العالم. الحركة الوحيدة في اللوحة هي ارتفاع وانخفاض صدر الغجرية إذ تتنفس ببطيء، والاضاءة الخفيفة على أنف الأسد وحركة القمر البطيئة عبر السماء الواسعة.

- ساره ميلز

ملاحظة: إليكم الأدغال المذهلة لهنري روسو وإن كنتم لا تكتفون من روسو (أظن الاكتفاء منه مستحيلاً) شاهدوا تقويم ديلي آرت الأسبوعي والمكتبية لعام 2021 - ستجدون روسو في أحد الأسابيع :) نشحن إلى جميع أنحاء العالم عبر دي إتش إل، اكتشفوا المزيد من هنا :)