Y

في مثل هذا اليوم من عام 2005، عُثر على الرسام البولندي دزيسواف بيكشينسكي المتخصص في السريالية البائسة، ميتاً في شقته في  وارسو مع 17 طعنة في جسده؛ اثنتان منهما كانتا قاتلتين. آخر لوحة للفنان كانت بعنوان "Y" -أحد حروف الأبجدية اللاتينية-وقد أنهاها يوم وفاته.

هذه اللوحة هي شهادة على ابتعاد بيكشينسكي عن الأسلوب الرائع، الحالم والتفصيلي الذي استخدمه جلياً في السبعينيات والثمانينيات، والتحول التدريجي إلى التجريب التقليدي. لوحاته التي رسمها خلال العشرين عاماً الماضية كانت عبارة عن تنوعات لتناول موضوع بسيط، كالجسم أو الرأس أو الهندسة المعمارية. جعل بيكشينسكي فنه أكثر وأكثر تجريدية مع الوقت، بهدف زيادة التداخل بين الرسومات ( بتبسيطها) و درجة اللون المستخدمة ( بتحديدها)، بعيداً كل البعد عن التباين العالي في التراكيب اللونية. 

هذه اللوحة الأخيرة تتوج فترة النضوج في التجريب الفني. إنها تقدم تكويناً بسيطاً وغير محدد و الذي يطرح عدداً كبيراً من الأمور ذات الصلة. المؤلف نفسه وصف الشكل الموجود على الكانفاه بكونه "صفيحة معدنية ولكنه ليس بصفيحة معدنية". وبالفعل، تُظهر اللوحة شكلاً هندسياً مشتتاً، متلاشياً، يشبه قطعة صفيحة معدنية، مثقوبة بشكل منقط ، والتي تبدو كأنها تتعرض للتلف المتواصل. تشكل النتوءات الممتدة على الشكل الغامض صليباً، بينما تمثل التركيبة بأكملها نوع من الربط بين الوقت العابر والموت. الصليب هو فكرة متكررة في أعمال بيكشينسكي من البداية إلى النهاية الفجائية، مع عدم قدرة الفنان نفسه على تفسير سبب تواجده المتكرر. 

تحتوي جميع أعمال دزيسواف بيكشينسكي، حتى تلك التي تبدو تجريدية بالكامل، على معاني تجسيمية كامنة، تشير مجازياً إلى قضايا إنسانية ووجودية عميقة، مثل الوحدة وهشاشة الحياة والخوف من الموت والفراغ. 

نقدم عمل اليوم بفضل المتحف التاريخي في سانوك. 

ملاحظة. يمكنكم قراءة المزيد عن السريالية والموت في حياة بيكشينسكي وأعماله هنا. 

ملاحظة إضافية: يمكنكم الاطلاع علي التقويمات الورقيةالخاصة بنا للعام 2022 مخفضة 40% من هنا؛ لا تفوتوهم!