المنزل الأحمر

تصوّر لوحة المنزل الأحمر منزلاً قويًا واجهته للأمام في البرية. لا يملك المنزل أي تفاصيل عدا عن ثلاث مدخنات على السقف الأسود. لا يوجد أي أبواب أو نوافذ، ذلك يلمح إلى أنه لا مجال للدخول أو الخروج. المنزل يشغل مكانًا في المنتصف تقريبًا، حيث تمثل الخطوط الأفقية الأرض والسماء. المنظر الطبيعي نفسه لا يملك أي معالم لكن الغرض منه مهم: فبدونه لن يكون للمنزل أي حس بُعْدِي أو حضور قوي و سيصبح بلا معنى سوى أن يكون مجرد شكل اعتباطي مسطح. بدلاً من ذلك، ولأنه موجود على هذه الأرض، يتمكن المنزل من جذب الانتباه كل إليه. يجسد الشكل الأحمر تحديًا، تقدم خطوطه المستقيمة منظر خارجي مُحْكَم ومع ذلك يقلق المشاهد. غياب الفتحات الهندسية يولِّد شعورٌ بالاضطراب؛ ثمة سريّة وعدم موثوقية مضمّنةٌ في هذا الوجه الأحمر البارز الذي يقف بثبات، حيث يواجهنا بصراحة وثقةٍ مفاجئة ومقلقة.

وجد ماليفيتش نفسه يحدق في هذا الوجه الأعمى لهذا المنزل الأحمر غير المتعاطف، هذا الوحش الضخم الجاثم على السياسة الروسية والمشهد الفني. كانت الحرية الإبداعية للفرد مضطهدة أكثر من ذي قبل. حركات حديثة مثل "الحركة البنائية والتفويقة بالتحديد" التي كان ماليفيتش منخرطًا فيها، كانت تعتبر غير لائقة وقد كانت رسالة ستالين الجديدة والديكتاتورية واضحة: أطع القوانين أو واجه العقوبة. المنزل الأحمر متجانس وصلب -رمز قوي للحكومة الحمراء الجديدة- لكنني أحب الاعتقاد أن ماليفيتش كان يقلل من شأن السلطة بهذه اللوحة. على الرغم من إزالة الحرية الفنية بالقوة تحت حكم النظام الجديد، فإن لوحة المنزل الأحمر تظل مستقلة بذاتها عبر معنى ضمني. فغموضها هو المفتاح: ربما هي تجسِّد جبروت روسيا الجديد ظاهريًا، ولكن خلف هذا المظهر الخارجي الواضح يمكن أن نرى نزاهة الفنان الذي يقول: "إنني أقف منتصبًا، حتى لو كنت وحيدًا. يكمن خلف هذا المظهر الزائف فردٌ صادق ومستقل بذاته بدلاً من عبد للشموليَّة."

- سارة ميلز