الحصان الأزرق الثاني

حصاننا الأزرق هذا لا يُري وجهه، و هو يسبح في منظر طبيعي ملون مذهل. يوجد طريق تحت حوافر الحيوان - أم أنه مجرى مائي؟ - يؤدي إلى منطقة يوجد فيها ما يشير إلى أنه تل و سماء و سحب. يقف الحصان ساكنًا ، ولكن يبدو أن رياح قوية تهب بالاستناد إلى حركة ذيله و كما يوحي به المنظر الطبيعي المرسوم حول الحصان. لا توحي الرسمة بأي استخدام عملي للحصان كحيوان ركوب أو عمل ، و كذا حجم الحصان مثير للإعجاب. يذكّر لونه الأزرق بلون الشوق في الحركة الرومانسية. نظرًا لأننا لا نرى إلا الجزء الخلفي من الحصان ، فإنما نفترض بأن نظرة المشاهد تتحرك في نفس اتجاه نظرة الحصان. هذا يعكس محاولة فرانز مارك للتعاطف مع روح الحيوان. يبدو الأمر كما لو أننا نختبر العالم من منظور الحصان

 منذ مرحلة مبكرة ، كان الاهتمام الرئيسي للفنان فرانز مارك هو عالم الحيوان، و الذي يشعر بترابط وثيق معه. الغزلان، و الكلاب، و الأبقار، و الخيول تتربع في أعلاها تعمل جميعها بمثابة زخارفٍ يطور بها رؤيته لفنٍ جديد. يصورهم مارك باللون الأحمر الخالص و الأزرق و الأصفر، بشكل واقعي في البداية، ثم بحرية متزايدة. قام مارك بدمج صور الحيوانات في مناظر طبيعية مجردة، والتي يُحييها بالألوان التكميلية الأخضر، و البرتقالي والبنفسجي. ترتبط لوحة الحصان الأزرق الثاني ارتباطًا وثيقًا بصورة برن ، وهي لوحة الحصان الأزرق الأول، التي لها نفس الأبعاد وتم رسمها أيضًا في عام 1911. تُظهر حصانًا شابًا من الأمام ويمكن رؤيتها في متحف لينباخ هاوس في ميونيخ

 في العام الذي اكمل فيها مارك اللوحة، أسس فرانز مارك وفاسيلي كاندينسكي جريدة "الفارس الأزرق" . ذكر كاندينسكي في وقت لاحق: "اخترعنا اسم "الفارس الأزرق" على طاولة قهوة تحت عريشة شجرة في حديقة زِيندِيلِسدُورف، لقد أحب كلانا اللون الأزرق". أحب مارك الخيول وأحببت الفرسان. ظهر الكتاب، الذي شاركا في تحريره، في عام 1912 و أثبت أنه أحد أهم الكتابات المبرمجة عن فن القرن العشرين. ومن الفنانين الذين عملوا في "الفارس الأزرق": أوجست ماكي، و غابرييل مونتر، و أليكسيج جولينسكي، و بول كلي. لم يعرض الفنانون أعمالهم معاً فحسب، بل شاركوا أيضًا وجهة النظر القائلة بوجود صلة داخلية بين أحدث الاتجاهات في الرسم والأعمال في الأنواع الفنية القوطية والشعبية و الأطفال. مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، انتهت أنشطة المجموعة. عاد فاسيلي كاندينسكي إلى روسيا، وسقط فرانز مارك، الذي تطوع للخدمة الفعلية، في معركة فردان عن عمر يناهز 36 عامًا